السبت، 2 يناير 2010

كرة القدم… وسياسة غسل الأدمغة

defaultستقرؤون في مقالي هذا عبارات وجمل لم أرتبها جيدا فقد تكون فقرة إِعادة لفقرة أخرى أو فكرة أعيدت مرات عديدة... وذلك لأني حاولت أن أدون كل ما يجول بخاطري هذه الأيام حول لعبة كرة القدم التي أصبحت من فضاء للمحبة والأخوة إلى فضاء لشراء الأنفس وبيعها!! وقبل أن أبدأ مقالي هذا أحكي لكم قصتين وقعتا لي هذه الأيام..

قلت لأحد الزملاء "وهو مهووس بالكرة" أن معايير تقدم الدول وتخلفها لا تضع الفريق الوطني في الحسبان.. فمثلا أمريكا دولة متقدمة وسيدة العالم... لكن فريقها متواضع وتسهل هزيمته، والبرازيل من الدول المتخلفة، والفقر هناك ينخر أجساد أكثر من ربع السكان لكن فريقها الوطني معجزة!!
نظر إلي فقال لي ولما ألمانيا فريقها قوي؟؟... قلت له إن ألمانيا حققت التقدم في كل مجالات الحياة... وكل مسؤول مهتم بمسؤوليته.... ومن ثم قال لي... عندك الحق يوسف.

كنت في إحدى محلات Bureau-Tabac وسألته عن عدم بيعه لملابس وأزياء المنتخب الوطني، فقال لي إن تأهلت الجزائر للمونديال فسأبيعها وإن لم تتأهل فلن أبيعها لأني أعرف أن لا أحد سيقتنيها.

أفرح كما يفرح الجمهور بفوز المنتخب الجزائري... لكن هذا الفرح سرعان ما يتلاشى بعد أن أتذكر أن في الجزائر أرجل اللاعبين أغلى من عقول العاقلين وأنها لن تتقدم ولن يلتفت إليها العالم بفضل الكرة اللهم إلا إذا التفتت إليها الأندية واتحاديات كرة القدم... بل سيلتفت إليها العالم عندما تعتني بالعلماء وتنظم الندوات العلمية والفكرية بدلا من إلغائها، وعندما تسهل الطريق لكل من يريد إكمال الدراسة، وعندما تدفع المال الوفير للناجحين وتعلق صورهم في جميع أنحاء البلاد اقتداء بهم، وعندما تزرع الروح الوطنية الحقيقة بعبارة viva l'algérie منذ الصغر وحتى الموت، وليس بعبارة viva الفريق الوطني ورابح سعدان التي ستزول بخسارة المنتخب!!!

رغم أن الفريق الوطني استطاع أن يعيد الأمل للعديد من الجزائريين وأن ينعش الروح الوطنية لديهم إلا أني أعتبرها مهدءات نسأل الله تعالى أن يديمها، لكن لدي أسئلة حيرتني كثيرا لماذا فقط الكرة؟! فقط الكرة هي من تتحكم بمستوى الروح الوطنية؟ ولماذا مثلا لا يخرج المناصرون إلى الشارع عند فوز منتخب كرة اليد مثلا؟ أو عندما يتحصل رياضي جزائري على ميدالية؟

إن لعبة كرة القدم عموما والتصفيات الحالية خصوصا قد حظيت بما لم يحظ به أي قطاع آخر.. فنتائج الفريق الوطني حركت مشاعرنا وأصبح الإعلام لا يكف عن التهليل لها، واللوحات الإشهارية منتشرة كالفطريات والأموال تنهمر من كل حدب وصوب يعجز اللسان عن ذكرها وإحصائها فأصبحت بذلك كرة القدم حديث العام والخاص واللاعبون أصبحوا قدوة للصغار والكبار..

لكن لماذا لم نطبق هذه الأمور على مجالات أخرى؟ ولكي نبتعد عن الانتظار السلبي ونحوله إلى الانتظار الإيجابي نقول: كيف نزرع حب الوطن والوطنية في الشعب عبر كل مجالات الحياة كالتربية مثلا؟

إن الاهتمام الإعلامي بالعلماء والناجحين نادر إن لم نقل منعدم في جزائرنا! فلا حصص كثيرة تلفزيونية تستضيف العلماء وتكرمهم ولا خبر رئيس في جرائدنا وإذاعاتنا عن عالم جزائري فاز أو اخترع اختراعا... لذا أرى أنه يجب علينا الالتفات أكثر للذين يخدمون البلاد علميا وثقافيا ومعرفيا حيث نبدأ بالتلاميذ مثلا فكل مدينة أو قرية تعلق فيها صور التلاميذ الناجحين كفيلة بأن تعيد وتزرع حب الوطن والعلم لديهم منذ الصغر، وتخيلوا لو كانت مواقف الحافلات تحوي تصميما لعبد الحميد بن باديس مثلا وعليها علم الجزائر مع عبارة مشهورة قالها؟ ألا يشعر ذلك المواطنين أن حب الوطن من الإيمان؟ وأنه ليس موسميا؟!

أقول في الأخير إن ما يدور حاليا من غسل للأدمغة لهو خطر جدا على عقول أبنائنا وشبابنا.. وإن الوطنية المشتعلة ستنطفئ بانطفاء المنتخب لذا آمل أن يحقق المنتخب الوطني الفوز في جميع المباريات... كي تبقى للوطنية معنى وللراية الوطنية معنى في انتظار وطنية صادقة نابعة من القلب لا تشتعل باشتعال المباريات ولا تنطفئ بخسارة المنتخب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق